أصل الأسرة وتاريخها
مشاهير وأعلام الأسرة
مخطوطات و مستندات
الخط الزمني لآل الأتاسي
كتب و مراجع ذكرت آل الأتاسي
مساجد ارتبطت بآل الأتاسي
مسجد آل الأتاسي الجديد
أشعار
مجلس الأسرة الأتاسية
مكتبة الصور
شجرة العائلة
مواقع ذكرت آل الأتاسي
أخبار العائلة
منتدى آل الأتاسي
مدينة حمص
مواقع جديرة بالزيارة
مسؤولوا الموقع

شيخ الإسلام ومفتي الأنام بحمص الشام السيد العلامة علي الصغير بن المفتي حسن بن المفتي محمود الأتاسي

مفتي حمص السادس من آل الأتاسي

مفتي الأنام وشيخ الإسلام السيد العلامة علي أفندي بن الحسن الأتاسي، العالم الفقيه، مفتي حمص وقاضيها، المعروف لدى آل الأتاسي بعلي الصغير أو علي الأصغر، تمييزا له عن جده علي الكبير العارف بالله السابقة ترجمته، وهو سادس من تولى الفتوى في الديار الحمصية من الأتاسية، وقد نالها عام 1115 الهجري  (1703م)، وفي ذلك يقول محمد المكي: "مجيء الفتوى إلى الشيخ علي أتاسي زادة، جعلها الله دائماً في نسله وأعقابه وذريته، إلى يوم القيامة، بحرمة المظلل بالغمامة، ووفقه الله إلى الخير، بحرمة رجال الخير، وذلك في نهار الأحد، في سبعة عشر يوماً خلت من شهر جمادى الثاني"[1].  وذلك بعد وفاة ابن عمه المفتي محمد بن أحمد الثاني الأتاسي عام 1110 الهجري، أي أن خمس سنين انقضت دون أن نعلم من كان يقوم بهذه الوظيفة في حمص، ولعله أحد نزلاء المدينة من المدن الأخرى لأن محمد المكي لم يهتم بالإخبار عنه، أو هو أحد الأتاسيين أو السباعيين الذي تولوها بالنيابة.  وظل الأتاسي يمارس الإفتاء حتى عام 1131 الهجري (1719م) حيث انتقلت إلى الشيخ عبد الجليل السباعي[2]، ولكنها سرعان ما عادت إلى الأتاسي في العام ذاته[3].  وقد انقطعت يوميات المكي عام 1135 الهجري (1722م) والشيخ علي لايزال متربعاً على كرسي الفتوى، ولا نعلم متى انتقل الأتاسي إلى رحمة الله، ولذا فإنه استطاع أن يحتفظ بالمنصب على أقل تقدير ما يقرب من العشرين عاماً. 

ويبدو أن هذه الفترة شهدت تنافساً بين أكبر أسرتين دينيتين في حمص: آل السباعي وآل الأتاسي على هذا المنصب المرموق فقد عين للفتوى الشيخ عبدالفتاح السباعي في رمضان من عام 1115 للهجرة ولكن الشيخ علي الأتاسي كان في موقع يخوله منع ذلك، إذ وافق وصول بشرى الفتوى إلى السباعيين كون الشيخ علي الحاكم الشرعي (أو القاضي) ذلك الحين[4].

ويبدو أن الشيخ علي الأتاسي كان شخصية قوية ومرموقة في حمص، حتى قبل انتقال الفتوى إليه، إذ نجده يخرج مع أعيان الحمصيين كإبن عمه الشيخ محمد الأتاسي مفتي حمص، وقاضيها ونقيبها وعلمائها من الأتاسيين والسباعيين إلى الحكام ومقابلة شخصيات المدن المرتبطة بحمص بصلة الحكم والموقع.  وظل الشيخ علي يمارس مهمة نقل شكوى الأهالي ورفعها إلى ذوي الأمر بعد ولوجه الفتوى، حتى أنه عانى السجن والإحتجاز في سبيل ذلك، ولولا أن حلفاء للأسرة الأتاسية في المدن الأخرى انبروا لمساعدته لما كتب له النجاح في مهماته، إذ ذكر محمد المكي أن الشيخ علي الأتاسي رحل إلى طرابلس الشام في نهاية عام 1123 الهجري (1711م) ليتباحث أمر مال حمص (ولعله يريد بذلك الضرائب أو الأموال التي استولى عليها متسلم حمص) مع واليها، فكان أن حبسه كيخيا المدينة في القلعة دون علم الوالي، إلا أن اثنين من زعماء طرابلس، وهما الشيخ مصطفى الصياد الرفاعي الحسيني نقيب أشرافها، والشيخ علي آل كرامة مفتيها[5]، أخبرا الوالي وتوسطا لديه فأطلق سراح الشيخ علي الأتاسي[6].  

وفي محرم من عام 1121 الهجري (1709م) نظم الشيخ علي عريضة لشكوى متسلم حمص إبراهيم آغا مع قاضي البلد ونقيب أشرافها وأعيان البلد وسافروا بها إلى طرابلس الشام لعرضها على الوالي.[7]

 وكشاهد على مكانة الشيخ علي نذكر أن متسلم حمص السابق، الشيخ اسماعيل الريحاوي كان قد أغار على التركمان ونهبهم في رجب عام 1123 الهجري (1711م)، ودارت معركة عظيمة وقف الأهلون على الأسوار يتابعونها، لكن الهزيمة نزلت بالريحاوي وبجنوده، والذين غرق منهم عدد كبير في العاصي، ولجأ الريحاوي لمنزل الشيخ علي الأتاسي وقد أثخن بالجراح من جراء المعركة، حيث وافته المنية في ذلك المنزل، ويبدو أنه علم أن ملاحقيه ما كانوا ليجرؤوا على اقتحام منزل الأتاسي لحرمته[8].

وبالإضافة إلى الإفتاء فقد حظي الشيخ علي الأتاسي بكرسي القضاء مرات ثمان على الأقل، وذلك في الأعوام الهجرية 1102 (1691م) و1104 (1692م) و1105 (1693م) و1106 (1695م) و1114 (1703م) و1115 (1704م) و1116 (1705م) و1122 (1710م)[9].  كما أنه تولى نيابة القضاء عام 1116 الهجري (1705م)[10]، كما أنه عهد إليه بإمامة مسجد الدحية، مسجد الأسرة الأتاسية، ونظر وقف ومقام الصحابي دحية الكلبي بعد وفاة ابن عمه الشيخ محمد الأتاسي[11].

ومن العلماء المشاهير الذين ربطتهم بالشيخ علي الأتاسي أواصر صداقة وإعجاب علامة الشام ومفتيها، الشيخ عبدالغني النابلسي، حيث كان صديقاً له ولابن عمه العلامة محمد الأول الأتاسي، فكان ينزل عليهم في زياراته لحمص كما أتى في ترجمة العلامة محمد الأتاسي، كما أن العلامة النابلسي كان مقيماً لعلاقات مع الحماصنة عن طريق الشيخين محمد وعلي الأتاسيين، فكان يرسل إليهما قصائده ورسله كما في عام 1134 الهجري (1721م) عندما أرسل النابلسي بعض تلامذته إلى حمص فنزل هؤلاء عند الشيخ علي الأتاسي، وقام أحدهم بمداواة بعض مرضى أهل حمص لكونه طبيباً[12].  ومن علماء الشام الذين قامت بينهم وبين الأتاسيين أواصر الصداقة الشيخ مراد بن علي بن داود المرادي الحسيني، أحد صدور علماء دمشق وجد الأسرة المرادية الشهيرة، والذي كان يحل ضيفاً على السادة الأتاسية كلما مر بحمص كما في عام 1119 الهجري (1707م)[13].  

وقد تزوج الشيخ علي من آل المسدي كما ذكرنا في الفصل الأول، ومن زوجته هذه رزق ببعض أبنائه، ومنهم المفتي عبدالوهاب، وهو جد "آل نوفل" و"آل الشيخ يونس"، وتزوج الشيخ علي أيضاً خديجة ابنت محمد الأول الأتاسي، ابن عمه، في شوال عام 1121 الهجري[14] (1709م)، وذلك بعد وفاة زوجها الأول ابراهيم آغا سويدان الحسيني، متسلم حمص، في ربيع الأول من نفس العام[15].

ومن خديجة بنت محمد الأتاسي رزق علي الأتاسي بإبنه إبراهيم.  وقد ذكر المرادي أن ابراهيم ابن علي الأصغر الأتاسي كان قد ولد عام 1122 الهجري (1710م)[16]، بينما لم يذكر محمد المكي في تاريخه أنه ولد لعليٍ مولود في ذلك العام، علماً أنه ما كان شيئاً ليصيب مفتي حمص علي الأتاسي دون أن ينوه به المؤلف الذي خصص قسماً كبيراً من مخطوطه لذكر أخبار أعيان حمص وخصوصاً مفتيها.  إلا أن المؤلف يذكر في من شهر من عام 1123 الهجري (1711م) أنه صار طهور أولاد علي الأتاسي المفتي ولا بد أنه يشير إلى ابراهيم الأتاسي بن علي[17].  ولما كانت بنت المسدي زوجة علي في الحج عام 1122 الهجري (1710م)[18] فإن ذلك يستلزم كون ابراهيم هو ابن خديجة بنت محمد الأتاسي.  وابراهيم بن علي الأتاسي هو جد البطن العطاسي والفروع الثلاثية السعيدية والأمينية والمحمدية من بطون آل الأتاسي.

ومن أبناء الشيخ علي الأتاسي المعقبين كذلك -بالإضافة إلى المفتيين ابراهيم وعبدالوهاب-الشيخ يحيى الأتاسي جد آل الشيخ الأتاسيين وآل عماد الدين، ومنهم الشيخ خليل أبي العز جد آل أبي العز.  وعلى هذا فإن الشيخ علي هو جد بعض البطون الأتاسية أما باقي تلك البطون فمن سلالة الحاج باكير الأتاسي الذي يغلب على الظن أنه أخو الشيخ علي وابن المفتي حسن الأتاسي كما جاء في الفصل الأول، رحمهم الله.

ومن المناسب والحديث هنا أن نصحح معلومة ذكرها الأستاذ الخوري أسعد في كتابه "تاريخ حمص" حيث قال أن الشيخ علي هو إبن المفتي محمد الأول[19]، في حين أنهما أبناء عم لجد أول، والحقيقة أن هذه هفوة، لكنها لا ثؤثر في الأهمية التاريخية الكبيرة لذلك الكتاب، ولا بد أن هذه الهفوة أتت من كثرة إشارة محمد المكي إلى الشيخ علي الأتاسي على أنه "ابن المفتي" قبل توليه للإفتاء، وذلك في الوقت الذي كان فيه الشيخ محمد الأتاسي هو مفتي المدينة، والحقيقة أن كليهما أصبح مفتياً، وكذلك كان كلٌ من والديهما، الأخوين أحمد الأول وحسن الأتاسيين، ومن هنا جاء الوهم.