أصل الأسرة وتاريخها
مشاهير وأعلام الأسرة
مخطوطات و مستندات
الخط الزمني لآل الأتاسي
كتب و مراجع ذكرت آل الأتاسي
مساجد ارتبطت بآل الأتاسي
مسجد آل الأتاسي الجديد
أشعار
مجلس الأسرة الأتاسية
مكتبة الصور
شجرة العائلة
مواقع ذكرت آل الأتاسي
أخبار العائلة
منتدى آل الأتاسي
مدينة حمص
مواقع جديرة بالزيارة
مسؤولوا الموقع

السيد النائب الوطني المتصرف وصفي بك بن نجيب أفندي بن محمد أمين الأتاسي

واضع أول دستور عربي في التاريخ

1888-1933م

السيد الشريف وصفي بك بن نجيب أفندي الأتاسي، من رجالات الرعيل الوطني الأول، وأحد ثلاثي زعماء الأتاسيين المشاركين في الحكم العربي الأول، فقد كان أبناء عمه هاشم الأتاسي (المحمدي) وعمر الأتاسي (السعيدي) أصدقاء للهاشميين. ولد في حمص عام 1880م السيد الشريف وصفي بك بن نجيب أفندي الأتاسي، من رجالات الرعيل الوطني الأول، وأحد ثلاثي زعماء الأتاسيين المشاركين في الحكم العربي الأول، فقد كان أبناء عمه هاشم الأتاسي (المحمدي) وعمر الأتاسي (السعيدي) أصدقاء للهاشميين.  ولد في حمص عام [1].  وترعرع في بيت العلم والزعامة، فوالده كان رئيس مجلس إدارة حمص، أما أخوه توفيق الأتاسي فقد كان أحد أعضاء مجلس المعارف المؤسَس لنشر الثقافة والوعي. وأصبح وصفي الأتاسي بعد أبيه وأخيه أحد أعيان الحماصنة المحبوبين وزعماء البلاد المرموقين. ولما شب رحل الأتاسي إلى الأستانة فدرس في كلية حقوقها وتخرج منها وعاد إلى بلاده وقد هيأته دراسته القانونية ليكون من الإداريين والسياسيين المتميزين[2].

وقد ناضل الأتاسي في سبيل الثورة العربية، وقاد مواطنيه خلال الإنتقال إلى الحكم العربي، وبعد دخول الجيش الهاشمي العربي مدينة دمشق انتمى الأتاسي إلى حزب العربية الفتاة، والتي كان كل من عمر وهاشم الأتاسيين من أعضائها المؤسسين. وقد كان الذين نالوا عضوية الحزب قبل دخول القوات العربية دمشق يعتبرون أعضاءً مؤسسين، يحق لهم معرفة أسماء باقي الأعضاء، وكذلك انتخاب الهيئة الإدارية السنوية، بينما كان المنتمون إليه بعد قيام الحكم العربي يعتبرون أعضاءً عاديين. وفي 13 أيار (مايو) عام 1920م شُكلت لجنة خاصة استثنت الأتاسي وقلائل آخرين مثل يوسف العظمة وعادل أرسلان وعبدالرحمن الشهبندر ورشيد رضا وأمين التميمي من عضويتهم العادية وأسبغت عليهم لقب الأعضاء المؤسسين للجمعية العربية الفتاة[3].


صورة أعضاء الفتاة العربية عام 1918م. والسيد وصفي بك الأتاسي هو الأول من اليسار في الصف الثاني

سرعان ما برز نجم وصفي الأتاسي كأحد زعماء البلاد الأحرار، وقد توسم فيه الملك فيصل الهاشمي الحكمة وحب الوطنية وحسن السياسة، فنصبه متصرفا (محافظا) على منطقة حماة عام 1920م[4]. ولما قام أول مجلس نيابي سوري وعربي عام 1919م (المؤتمر السوري) بقرار من الملك المنصّب فيصل الهاشمي، انتخب وصفي الأتاسي عضواً ونائباً عن أهالي مدينة حمص[5]، وانتخب ابن عمه هاشم الأتاسي ممثلاً آخر عن حمص، فكان الأتاسيان من أوائل النواب الأتاسيين، وقد سبقهما خالد الأتاسي إلى النيابة في مجلس المبعوثان العثماني. ولهذا المجلس -الذي ضم أكثر من ثمانين عضواً منتخبين من مناطق سوريا ولبنان والأردن وفلسطين، فكان بذلك أول وآخر مجلس نيابي عربي لبلاد الشام كافة مجتمعة- انتخب هاشم بك الأتاسي رئيساً.

وقد أثنى محمد عزة دروزة، أحد النواب في المؤتمر السوري، وسكرتير لجنة الدستور، على الأتاسي، فقال في معرض وصفه لبعض أعضاء المؤتمر: "ومنهم وصفي الأتاسي، وكان ذكياً ألمعياً وحدوياً استقلالياً، وقد تخرج من كلية حقوق الأستانة، وكان حسن الثقافة والكلام والحجاج، وظللنا متواثقين متعاونين عهد المؤتمر، وضمته جمعية الفتاة إليها فكان ذلك من وسائل توثيق الصلة والتعاون، ثم افترقنا بين يدي الاحتلال الفرنسي، ولم يعمر طويلاً حيث وافاه أجله في العشرينات رحمة الله عليه"[6]. وكان الأتاسي أحد الثلاثة الذين اختيروا لتشكيل لجنة ترتيب المؤتمر، وكان الوطنيان الكبيران سعدالله الجابري ورياض الصلح هما العضوان الآخران. قامت هذه اللجنة باختيار بناء العابد المعروف في ساحة الشهداء لجعل أحد طوابقه مقراً للمؤتمر، وسعى أعضاء اللجنة لتأمين وسائل الاجتماع، من أثاث ومنصات ومكاتب، لأعضاء الحكومة والمؤتمر والصحافة، وجهزوا قاعات اللجان والسجلات، وذلك بعد أن مُنِحوا مخصصات مالية من قبل الحكومة[7].

ثم انقلب المؤتمر السوري بعد ذلك مجلساً تأسيسياً ونيابياً، وفي 10 آذار عام 1920م انعقدت جلسة علنية لانتخاب رئيس المجلس التأسيسي والكاتب والسكرتير والهيئة الإدارية لتقرير دستور للبلاد، فانتخب هاشم الأتاسي رئيساً للمجلس، وانتخب ابن عمه وصفي الأتاسي عضواً في الهيئة الإدارية التي ضمت أشخاصاً ستة من أعضاء المؤتمر السوري، ومنهم حكمت الحراكي مندوب المعرة، وسعدالله الجابري نائب حلب[8]. و قام أعضاء المؤتمر السوري بوضع الدستور العربي الأول، يشرف على ذلك رئيس المجلس والهيئة الإدارية، ناصين فيه على وحدة واستقلال البلاد، وعلى وراثية الملكية في الأسرة الهاشمية، فكان وصفي بك الأتاسي أحد المؤسسين للدستور العربي. و كان للأتاسي في وضع الدستور جهد محمود ومداخلات حسنة، وقد كانت تلك المهمة في غاية الصعوبة لأن البلاد كانت حديثة الاستقلال، ولأن ذلك الدستور كان أول دستور عربي لأول دولة عربية مستقلة، فلم يكن لزعماء البلاد سابق خبرة بوضع الدساتير، وإن كان الكثير منهم من رجال القانون وخريجي مدارس الحقوق، ولوجود تمثيل كبير في المؤتمر لكافة قطاعات شعب بلاد الشام وعقلياته المتفاوتة، فمن نواب المؤتمر كان العالم الديني والمسيحي والقانوني والمثقف وكبير العشائر، فكان النقاش يحتدم على مواد الدستور، وقد أخذ وصفي الأتاسي على عاتقه توضيح وشرح مقررات اللجنة لباقي الأعضاء والدفاع عن الدستور أمامهم والرد على أسئلتهم والاستماع إلى اقتراحاتهم وتعليقاتهم، وذلك بالإضافة إلى كونه أحد مقرري الدستور[9]، وتم للجنة بذلك أن تتوصل إلى وضع دستور أرضى كافة القطاعات وأفراد الشعب وجماعاته، وهو أمر يثير الإعجاب إن علمنا أن واضعيه كانوا حديثي العهد بهذا الأمر الهام الحيوي من نشوء الأمم وتنظيم أمورها.

وكما جاهد وصفي الأتاسي في سبيل تحرير بلاده من الأتراك كان في طليعة المناضلين من أجل استقلالها من الفرنسيين. ولما كان من زعماء حمص والأسرة الأتاسية كان موفودهم في الاجتماعات التي كان يعقدها زعماء الأسر الكبيرة في حمص وحماة والمناطق المجاورة لمباحثة أمر الثورة. ففي عام 1919م أوفد الحماصنة الأتاسي مندوباً عنهم في اجتماع عقده الأعيان في حمص في منزل شيخ عشائر الأحسنة حضره زعماء الدنادشة وأحمد آغا البرازي عن حماة وعبدالمجيد آغا سويدان زعيم حسية وممثلين عن آل الكيلاني والعظم الحمويين وغيرهم من زعماء العشائر والأسر، وتقرر في هذا الاجتماع التعاون من أجل الثورة التي اتخذت من تلكلخ، عاصمة الدنادشة، مقراً لها، وأن يقوم الحماصنة بتأمين الغذاء والسلاح للثائرين[10].

وبين العامين 1919 و1920م كان وصفي بك الأتاسي من المؤسسين للجنة الدفاع الوطني في حمص، والتي ترأسها ابن عمه عمر الأتاسي، وكان من الأعضاء المتألقين فيها، يعمل على جمع التبرعات والإعانات المالية لدعم نشاطات اللجنة، ويشارك في التخطيط للثورات والمعارك التي كانت اللجنة تدعمها وتشعل شرارتها، وبالأخص تلك التي قامت في تلكلخ، ومعارك الدفاع عن مدينة حمص[11].

وفي أوائل عام 1919م أسس الأتاسي النادي العربي في حمص فرعاً للنادي العربي الذي أسسه الأحرار العرب في دمشق في عهد الأمير فيصل الهاشمي، وكان مقره قهوة الفيصل التي كانت لا تزال قائمة حتى الثمانينات من القرن العشرين، وانتخب الأتاسي رئيساً للنادي وكان من أعضائه أديب الموصلي، أنيس الملوحي، سليمان المعصراني، عبدالقادر الجمالي، عبدالكريم الحسامي، عبدالمؤمن الشيخة، فؤاد رسلان، محيي الدين الجندي، نديم الموصلي، هاني السباعي، ياسين زكية، وغيرهم من الوطنيين في حمص، وبعض هؤلاء أصبحو فيما بعد من قواد البلاد ومشاهير ساستها المناضلين ضد الانتداب الفرنسي، وقام أعضاء النادي العربي بالنشاط الوطني فقدموا محاضرات ومسرحيات وطنية استهدفت الاحتلال الفرنسي حتى أغلق الفرنسيون النادي في تموز عام 1920م[12].

وفي تموز من عام 1925م انضم وصفي بك الأتاسي وغيره من زعماء الحماصنة مثل مظهر باشا رسلان، وصالح أفندي الجندلي، وشكري بك الجندي، وشفيق بك الحسيني، وعبدالكريم بك الدروبي، إلى حزب الشعب الذي أسسه الزعيم المجاهد عبدالرحمن الشهبندر وافتتحوا فرعاً له في تلك المدينة بعد أن اجتمعوا بمندوبي الشهبندر إلى حمص: جميل مردم بك وحسن الحكيم[13].

ثم شارك وصفي الأتاسي في التخطيط والتدبير للثورة السورية الكبرىعام 1925م، ولما قرر الوطنيون مقاطعة انتخابات عام 1926م كان الأتاسي على رأسهم، فكان من الذين اعتقلوا في حمص، ثم أخذوا إلى تلكلخ ومنها أودعوا جزيرة أرواد مع غيره من أركان الرعيل الأول من الوطنيين أمثال هاشم بك الأتاسي، ومظهر أفندي الأتاسي، ورفيق رسلان، ومظهر رسلان، وراغب الجندي، وشكري الجندي، ونورس الجندي، وسعدالله الجابري، وفارس الخوري، ونجيب الريس، ويحيى خانكان وغيرهم[14].

[15]إلا أن الأجل وافى الوطني الكبير والمجاهد وصفي الأتاسي عام 1932[16]م، ولو أن العمر طال به لكان للأتاسي أن يشارك أعلام أسرته أمثال هاشم وعدنان وفيضي ومكرم الأتاسي وغيرهم في أدوارهم الكبيرة التي لعبوها في الثلاثينات وحتى الستينات من القرن العشرين، ولكان له أن يصيب ما أصابوا من رئاسة للجمهورية والحكومة ووزارات ومناصب، رحمه الله وجزاه عنا كل الجزاء.