|
حاكم حمص الشاعر السيد سليم آغا الباكير الأتاسي
من أغوات الأتاسية وجد آل باكير الأتاسي
السيد سليم آغا بن باكير الثاني بن السيد عبدالعزيز بن السيد عثمان بن باكير الأول بن المفتي حسن بن المفتي محمود بن المفتي الشهاب أحمد شمس الدين الأول الأتاسي الأتاسي، من الشجعان المغاوير، من آغوات الأتاسية. تولى حكم حمص بالحيلة مرة وبالعنوة تارة أخرى. في عام 1245 من الهجرة (1829م) عين السيد حسين آغا الجندي العباسي حاكماً على حمص، ولكن الأهالي رفضوا هذا التعيين، واضطر السيد حسين آغا الجندي أن يحاصر المدينة بقوة كبيرة يوم السبت 17 تشرين الأول (اكتوبر) وحصل بين قواته وبين الأهالي قتال حتى العاشر من تشرين الثاني (نوفمبر) عندما وصلت تعزيزات كبيرة للجندي مع عثمان باشا من جبال نابلس وعرب الكليبة والدروز، فوقعت حمص، وجرد الباشا النصارى من أسلحتهم وفرض على المدينة غرامة مقدارها 350 كيساً وقع للناس من جرائها ضيق شديد، وثبّت عثمان باشا الآغا الجندي حاكماً على المدينة. وبعد بضعة أشهر وقعت مناظرة بين الحاكم الجندي وبين السيد أحمد بن عبدالعزيز الأتاسي، وبلغت هذه الملاسنة مسامع ابن عمه سليم آغا الباكير الأتاسي، فصار يتحين الفرص للانتقام. لقد كان للأتاسي قرابة وصلة الصهارة مع آغوات الدنادشة إذ كانت عمته قد تزوجت حاكم عكار الآغا الدندشي، وقيل لي أيضاً أن أغاوات الدنادشة هم أخواله كذلك، وذات يوم دخل المترجم مدينة حمص مع أخيه حسن آغا الباكير ووراءه قوة من الفرسان من أقاربه من الدنادشة ودخل السراي وأبرز لحراسها وثيقة تعيين زوج عمته حاكماً على عكار مدعياً أنها وثيقة تعيينه حاكماً على حمص، فصدقته الحامية وانضبطت تحت إمرته وانضمت إلى قوته فسار بهم إلى منزل حسين آغا الجندي وقبض عليه وحرقه بالنار وجلس متسلماً على حمص أربعين يوماً حتى أتاها فرج آغا من حماة بقوة عسكرية ففر الأتاسي وأخوه ولاذا بأقربائهم الدنادشة في عكار. وعاد الأتاسي إلى حمص العام التالي (1246م) معيداً الكرة فتمكن من القبض على حسين آغا الجندي وشواه حتى مات وجلس حاكماً على حمص أربعة أشهر حتى علمت بأمره حكومة دمشق فأرسلت إليه بقوة كبيرة حاصرت المدينة أياماً عدة. يقول صاحب تاريخ حمص: "ولما أزهق الحصار نفس سليم آغا أمر رجاله أن يحموا ظهره وخرج من أحد الأبواب شاهراً سيفه فاخترق الجند المرابط عند ذلك الباب والذين أدهشتهم جرأته وسار لا يلوي على شيء، ثم لاذ بالدنادشة في المشتى ومكث لديهم حتى حضر والٍ تركي فأخذه بالأمان، فلما استأمن قتله كعادة ولاة الأتراك في ذلك العهد".
وتذكر المصادر كذلك أن سليم آغا قبل مقتله دخل حمصاً عام 1246 من الهجرة (1830م) بمئتين من رجاله الفرسان وقبض على عامل حمص وقتله بعد أن بلغه أن عامل حمص سجن الشاعر أمين الجندي الشهير بسبب وشاية بعض الحسدة بالشاعر الجندي، فأخرج سليم آغا الباكير الجندي من سجنه وفرح الناس. ولا ندري إن كانت هذه الحادثة هي ذاتها الكرة الثانية التي دخل بها الأتاسي حمص وقتل فيها الحاكم الجندي أم أنها حادثة ثالثة مختلفة.
هذا وتروى عن الأتاسي يوم وضعه الأتراك على منصة الإعدام بعض قصص سمعتها عن بعض آل الأتاسي، منها أنه لما علق حبل المشنقة في رقبة المترجم، ارتجل الأتاسي قصيدة شعرية بليغة على الملأ من الناس أدهشتهم، وتناقلت هذه القصيدة الألسن وحفظها الناس حتى وقت قريب من زماننا هذا[1].
هذا ولا بد من تصحيح غلطة تاريخية وقع فيها عدد من المؤرخين بسبب نقلهم عن بعضهم البعض، هذا أن سليم آغا الباكير هذا كان يذكره بعض المؤرخين على أنه من آغوات الدنادشة كما فعل البيطار في حلية البشر[2] وخليل مردم بك في كتابه "أعيان القرن الثالث عشر"[3] عند حديثهما عن الشاعر أمين الجندي، وكذلك المطران يوسف الدبس في كتابه "تاريخ سوريا"، والأستاذ نمر الدندشي في كتابه: "الثورة السورية الأم: الدنادشة"[4] ، والحقيقة أنه من آغوات الأتاسية وأنه كان له قرابة بآغوات الدنادشة فكانوا حلفاءه ومجيريه كما تواتر عند آل السيد سليمان الأتاسي إذ كان السيد حسن بن صالح ابن السيد سليمان الأتاسي قد اشترك في قتل حسين آغا الجندي وفر مع ابن عمه سليم آغا الباكير إلى عكار ولما استأمنتهما الدولة العثمانية لم يصدقهم السيد حسن السيد سليمان وظل فاراً بينما سلّم سليم آغا نفسه فقتله الوالي التركي، وكما تواتر كذلك عند آل الباكير الأتاسي اليوم وبعضهم اليوم يعزون قلة أعداد بطنهم في عصرنا إلى مقتل السيد الجندي على يد جدهم السيد سليم آغا الباكير، كذلك فإن السيد حسن السيد سليمان الأتاسي لا نرى له عقب في شجرة السيد سليمان، بل وهذه القصة متواترة عند آل الجندي أنفسهم[5]. وقد حدثنا بقصة الأتاسي أشخاص عدة في أوقات متفرقة، منهم السيد عبدالمتين السيد سليمان الأتاسي، والسيد محمد خلوق بن سري الأتاسي، والسيد ناصر بن محمد الخالد بن محمد أبي النصر بن محمد خالد بن محمد الأتاسي، والسيد الدكتور غزوان بن رأفت مجج الأتاسي.
ويجدر بالذكر أن سليم آغا الباكير هو جد آل الباكيرالذين لا يزالون يعرف واحدهم اليوم بلقب الآغا.