|
أصل الأسرة وتاريخها
آل الأتاسي أسرة حمصية هاشمية النسب عريقة الحسب من أشراف حمص. أصل لقب آل الأتاسي هو "العطاسي" نسبة إلى كرامة وقعت لجدهم يقال أنه عطس في رحم أمه فحمد الله فسمعته أمه فشمتته. انتقل جدهم من اليمن إلى تركية ثم نزل أو أحد أولاده مدينة حمص وقطنها، وبها أعقب وكان نسله. وقد واكب هجرة الجد تغيير في لقب الأسرة، إذ خففت العين إلى ألف فحور الاسم من "العطاسي" إلى "الأطاسي"، ثم خففت الطاء إلى التاء فاتخذ الاسم شكله الحالي، وكان الداعي صعوبة مخرج هذه الحروف عند الأعاجم حيث سكن جد الأسرة. ولما نزل جد الأسرة إلى حمص عرف بالتركماني أيضا لقدومه من تلك الجهات وزواجه من الأتراك. وما زالت هناك بطون ثلاثة من الأسرة تعرف بحمص بآل العطاسي إلى يومنا. والسادة آل الأتاسي ما فتئوا يحتفظون بوثائق من المحاكم الشرعية في حمص ودمشق من العهد العثماني تثبت انتسابهم إلى آل البيت وإلى جدهم الرسول صلى الله عليه وسلم وتنعتهم بالسادة الأشراف.
وآل الأتاسي اليوم خمسة عشر بطنا، بعض بطونهم كبيرة يعد أفرادها بالمئات، وبعضها صغير العدد. اثنان من هذه البطون اليوم اتخذت ألقابا إضافية رسمية وهي آل السيد سليمان، وآل مجج، فالواحد منهم يسمى بفلان السيد سليمان أو فلان مجج، والكثير منهم يضيفون اللقب "الأتاسي" إلى هذين اللقبين. أما باقي بطون الأسرة فهم السعيدية والمحمدية والأمينية وآل العطاسي (ثلاثة بطون مختلفة تحولت كنية معظم أفرادهم في العقدين الأخيرين رسميا إلى الأتاسي) وبيت عماد الدين (ويعرفون عند عامة آل حمص وخاصتهم بأعمام الدين)، وبيت الشيخ، وبيت خليل أبي العز، وبيت باكير وبيت عبدالعزيز، وبيت الشيخ يونس، وبيت نوفل، وهؤلاء ما زالوا محتفظين بكنيتهم الأتاسية.
اشتهرت الأسرة بالعلم وشهد لها بفضل علمائها أعاظم الأعيان ومشاهير العلماء والمؤرخين، فقال فيهم العلامة الفقيه عبدالغفار عيون السود رحمه الله في خاتمة رسالته
"دفع الأوهام في مسألة القراءة خلف الإمام": "هذا ولما كنت غصنا صغيرا من شجرة علم عظيمة غرسها بنو الأتاسي في حمص، عرضت رسالتي هذه على ذوي الفضل منهم، ليتعهد خلفهم غرس سلفهم، فيقوموا أوَدَا يرونه، ويصلحوا خطأ يقفون عليه، فجادت بالتقاريظ الآتية أقلامهم، عمر الله باليمن والعز والسعادة والإقبال أيامهم، وجزاهم عنا سلفا وخلفا أحسن الجزاء"
[1]
، ثم يسرد تقاريظ نخبة من علماء الأتاسية. وقال فيهم الشيخ العالم محمد عبدالجواد القاياتي المصري
في "نفح البشام": "وأهل بيت الأتاسي كلهم لا يشغلهم عن تحصيل العلم شاغل ولا يعتريهم في إفادته واستفادته توانٍ ولا تكاسل. كما أخبرنا نقلة الأخبار أنهم مشغولون به آناء الليل وأطراف النهار، وكيف لا، وهم من بيوت العلم كابراً عن كابر، وكم ترك الأول للآخر".
[2]
وقال العلامة الكبير السيد الشريف الأمين المحبي في كتابه المشهور خلاصة الأثر في ترجمته للشهاب أحمد بن خليل بن علي الأتاسي، مفتي حمص: "وبالجملة فبيتهم بيت ظاهر البركة، وخرج منهم فضلاء ونبلاء عدة"
[3]
، وأصاب فضلاء آل الأتاسي مديحُ أكابر العلماء والشعراء، فمن هؤلاء على سبيل المثال العلامة الكبير مفتي دمشق الشام الأستاذ العارف عبدالغني بن اسماعيل النابلسي، وشاعر الشام السيد الشيخ محمد أمين أفندي الجندي العباسي، وشاعر حماة الكبير الشيخ الهلالي، وشاعر الشام شفيق جبري، وشاعر العاصي بدر الدين الحامد، والشاعر الكبير عمر أبو ريشة وغيرهم، كما أشاد بفضل أعلامهم أعاظم العلماء والدعاة والمصلحين كإمام الحنفية في عصره فخر الأنام وبركة الشام السيد الشريف محمد أمين ابن عابدين الحسيني صاحب الحاشية، والعلامة الكبير الشيخ عبدالرزاق البيطار، والشيخ الداعية الشهير محمد علي الطنطاوي رحمه الله، والدكتور الداعية الكبير المحقق مصطفى بن حسني السباعي رحمه الله، وغيرهم كثير. خرجت الأسرة العشرات من كبار العلماء والقضاة والمدرسين وأئمة المساجد وتولى منهم منصب الافتاء بحمص سبعة عشر مفتيا على الأقل من أول العهد العثماني حتى أواخر القرن العشرين، كما كان أفراد الأسرة من صنعة السياسة العربية فكان منها ثلاثة رجال تولوا رئاسة الدولة السورية وعدد كبير من النواب والوزراء وضباط الجيش وكبار الموظفين في الدولة.